للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبيه، أو لأخته، ولكن لو فعل ذلك فإنه جائز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لسعد بن عبادة- رضي الله عنه- أن يتصدق في نخله لأمه (١) .

واستأذنه رجل فقال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت. أفأتصدق عنها؟ قال: "نعم " (٢) ، ومع ذلك لم يقل لأصحابه على سبيل العموم: تصدقوا عن موتاكم، أو عن آبائكم، أو أمهاتكم، ويجب أن يعرف طالب العلم وغيره الفرق بين الأمر المشروع وبين الأمر الجائز، فالأمر المشروع هو الذي يطلب من كل مسلم أن يفعله، والأمر الجائز هو الذي تبيحه

الشريعة، ولكنها لا تطلبه من كل إنسان، وأضرب مثلاً يتبين به الأمر: في قصة الرجل الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سرية، فكان يقرأ لأصحابه، ويختم بقل هو الله أحد، كلما صلى بهم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه، فقال سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك، فقال الرجل: إنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "اخبروه أن الله يحبه " ومع ذلك فلم يكن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن

يختم قراءة الصلاة بقل هو الله أحد ولا أرشد أمته لذلك.

ففرق بين الأمر المأذون فيه، وبين الأمر المشروع الذي يطلب من كل إنسان أن يفعله، فإذا أذن النبي عليه الصلاة والسلام لسعد بن عبادة- رضي الله عنه- أن يتصدق ببستانه عن أمه، وأذن


(١) أخرجه البخاري، كتاب الوصايا، باب إذا قال: أرضي أو بستاني صدقة لله (رقم ٢٧٥٦) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البعتة (رقم ١٣٨٨) ، ومسلم كتاب
الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت (رقم ١٠٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>