وما استأثر الله تعالى به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به.
فأما قوله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها (١) دخل الجنة» ، فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة:«إن أسماء الله تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة» أو نحو ذلك.
إذن فمعنى الحديث: أن هذا العدد من شأنه أن من أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله " من أحصاها دخل الجنة " جملة مكملة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.
ولم يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تعيين هذه الأسماء. والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي ص - ٣٨٢ جـ ٦ من مجموع ابن قاسم: تعيينها ليس من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، باتفاق أهل المعرفة بحديثه وقال قبل ذلك (ص - ٣٧٩) : إن الوليد ذكرها عن بعض شيوخه الشاميين كما جاء مفسرا في بعض طرق حديثه. ا. هـ وقال ابن حجر في فتح الباري ص ٢١٥ جـ ١١ ط السلفية: ليست العلة عند الشيخين (البخاري ومسلم) ، تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه والاضطراب، وتدليسه واحتمال الإدراج ا. هـ.
ولما لم يصح تعيينها عن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختلف السلف فيه وروي عنهم في ذلك أنواع. وقد جمعت تسعة وتسعين اسما مما ظهر لي من كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(١) إحصاؤها حفظها لفظاً وفهمها معنى وتمامه أن يتعبد لله تعالى بمقتضاها..