غيره، وأصدق قيلا، وأحسن حديثا من غيره، فوجب إثباتها له كما أخبر بها من غير تردد، فإن التردد في الخبر إنما يتأتى حين يكون الخبر صادرا ممن يجوز عليه الجهل، أو الكذب، أو العي بحيث لا يفصح عما يريد، وكل هذه العيوب الثلاثة ممتنعة في حق الله - عز وجل - فوجب قبول خبره على ما أخبر به.
وهكذا نقول فيما أخبر به النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن الله تعالى، فإن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلم الناس بربه وأصدقهم خبرا وأنصحهم إرادة، وأفصحهم بيانا، فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه.
والصفات السلبية: ما نفاها الله سبحانه عن نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكلها صفات نقص في حقه كالموت، والنوم، والجهل، والنسيان، والعجز، والتعب.
فيجب نفيها عن الله تعالى - لما سبق - مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل، وذلك لأن ما نفاه الله تعالى عن نفسه فالمراد به بيان انتفائه لثبوت كمال ضده، لا لمجرد نفيه؛ لأن النفي ليس بكمال، إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال، وذلك لأن النفي عدم، والعدم ليس بشيء، فضلا عن أن يكون كمالا، ولأن النفي قد يكون لعدم قابلية المحل له، فلا يكون كمالا كما لو قلت: الجدار لا يظلم. وقد يكون للعجز عن القيام به فيكون نقصا، كما في قول الشاعر:
قبيلة لا يغدرون بذمّةٍ ... ولا يظلمون الناس حبة خردل
وقول الآخر:
لكن قومي وإن كانوا ذوي حسب ... ليسوا من الشر في شيء وإن هانا