للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر بأن كان في أيام التشريق وسهل عليه تلافيه، أما لو قدر أنه انقضت أيام الحج، فإنه لا حرج عليه في هذه الحال؛ لأنه ترك الترتيب جاهلاً فسقط عنه بجهله، والرمي للجمرات الثلاثة قد حصل، غاية ما فيه اختلاف الترتيب، واختلاف الترتيب عند الجهل لا يضر، لكن متى أمكن تلافيه بأن كان علم ذلك في وقته فإنه يعيده.

تاسعاً: ومن الخطأ أيضاً في رمي الجمرات في أيام التشريق: أن بعض الناس يرميها قبل الزوال، وهذا خطأ كبير، لأن رميها قبل الزوال رمي لها قبل دخول وقتها، فلا يصح، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (١) . وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمها إلا بعد زوال الشمس وقبل صلاة الظهر، مما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يرتقب الزوال ارتقاباً تامًّا، فبادر من حين زالت الشمس قبل أن يصلي الظهر، ولقول عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-: (كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا) (٢) ، ولأنه لو كان الرمي جائزاً قبل زوال الشمس لفعله النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه أيسر للأمة، والله عز وجل إنما يشرع لعباده ما كان أيسر، فلو كان مما يتعبد به لله- أعني الرمي قبل الزوال- لشرعه الله تعالى لعباده، لقوله تعالى: (يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) فلما لم يشرع قبل الزوال علم أن ما قبل الزوال ليس وقتاً للرمي، ولا فرق في ذلك بين اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فكلها سواء، كلها لم يرمِ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا


(١) أخرجه مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة (رقم ١٧١٨) (١٨) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب رمي الجمار (١٧٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>