فأجاب- رحمه الله- بقوله: إذا مضى معظم الليل وهو في منى، فله أن يخرج منها، جعلا للأكثر بمنزلة الكل، ولكنني أشير على إخواني الحجاج أن يجعلوا حجهم حجاً موافقاً للسنة التي
جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان عليه الصلاة والسلام يبقى في منى ليلاً ونهاراً، ومع أنه في ذلك الوقت لا مكيفات ولا مياه على ما اعتاد عليه، وهو صابر محتسب، وقد جعل الحج نوعاً من الجهاد في سبيل الله، حين سألته أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها-: (هل
على النساء جهاد؟) قال: "عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة"(١) والحج ليس نزهة ولا طرباً، الحج عبادة، فليصبر الإنسان نفسه على هذه العبادة، وليتأسى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فيها تأسياً كاملاً، فيبقى في منى ليلاً ونهاراً، وما هي إلا يوم العيد ويومان بعده لمن تعجل، أو ثلاثة أيام لمن تأخر، لكن الإنسان يأسف أن يسمع وقائع في الحج تدل على استهانة الفاعلين بالحج، وأنه ليس
عندهم إلا اسماً لا حقيقة له، حتى بلغنا أن من الناس من يبقى في بيته ليلة العاشر من شهر ذي الحجة، ثم في أثناء الليل يحرم ويخرج إلى عرفة ومعه الطعام والأشياء التي يرفه نفسه بها، ثم إذا بقي إلا قليل من الليل ذهب إلى مزدلفة ولقط الحصى- كما يقول- ثم مشى إلى منى ورمى الجمرات قبل الفجر، ونزل إلى مكة وطاف وسعى، ثم عاد في ليلته إلى بيته مع أهله، ثم منهم من يخرج في النهار إلى منى ليرمي الجمرات، ومنهم من يوكل أيضاً هل هذا حج؟ هذا تلاعب، وإن كان على قاعدة الفقهاء قد يكون مجزياً، لكن أين