للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوداع من ذلك الوقت، فلا يرد علينا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اعتمر قبل ذلك ولم ينقل عنه أنه ودع؛ لأن طواف الوداع إنما وجب في حجة الوداع، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك" (١) وهذا عام يستثنى منه الوقوف، والمبيت، والرمي، لأن هذا خاص بالحج بالاتفاق، ويبقى ما عداه على العموم، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى العمرة حجاً أصغر كما في حديث عمرو بن حزم الطويل المشهور الذي تلقاه العلماء بالقبول، وهو حديث مرسل (٢) ، لكنه صحيح لتلقي العلماء له بالقبول؟ ولأن الله تعالى قال: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لله) وإذا كان طواف الوداع من إتمام الحج فهو أيضاً من إتمام العمرة. ولأن هذا الرجل المعتمر دخل المسجد الحرام بتحية فلا ينبغي أن يخرج منه إلا بتحية.

وعلى هذا فإن طواف الوداع يكون واجباً في العمرة كالحج، وهناك حديث أخرجه الترمذي: "إذا حج الرجل، أو اعتمر فلا يخرج حتى يكون آخر عهده بالبيت" (٣) . وهذا الحديث فيه ضعف

لأنه من رواية الحجاج بن أرطاة، ولولا ضعف هذا الحديث لكان نصًّا في المسألة وقاطعاً للنزاع، ولكن لضعفه لم يقو على الاحتجاج


(١) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب غسل المخلوق ثلاث مرات (رقم ١٥٣٦) ومسلم، كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح (رقم ١١٨٠) .
(٢) أخرجه ابن حبان (٧٩٣) والحاكم (١/٣٩٥) .
(٣) أخرجه الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء من حج أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت (رقم ٩٤٦) وقال: حديث غريب. وقال الألباني: منكر بهذا اللفظ، وصح
معناه دون قوله: لا "أو اعتمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>