للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، فالمدرسة الأولى يقرر معلموها وجوب إبقاء النصوص على ظواهرها فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، مع نفي ما يجب نفيه عن الله - تعالى -، من التمثيل أو التكييف، والمدرسة الثانية يقرر معلموها وجوب صرف النصوص عن ظواهرها فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته.

وهذان المنهاجان متغايران تماما، ويظهر تغايرهما بالمثال التالي:

قال الله - تعالى -: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} . وقال فيما حكاه عن معاتبة إبليس حين أبى أن يسجد لآدم بأمر الله: {يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} . فقد اختلف معلمو المدرستين في المراد باليدين اللتين أثبتهما الله - تعالى - لنفسه.

فقال أهل المدرسة الأولى: يجب إبقاء معناهما على ظاهره، وإثبات يدين حقيقيتين لله - تعالى -، على وجه يليق به.

وقال أهل المدرسة الثانية: يجب صرف معناهما عن ظاهره، ويحرم إثبات يدين حقيقيتين لله - تعالى -، ثم اختلفوا في المراد بهما هل هو القوة، أو النعمة.

وبهذا المثال يتبين أن منهاجي أهل المدرستين مختلفان متغايران، ولا يمكن بعد هذا التغاير أن يجتمعا في وصف واحد، هو " أهل السنة ".

إذن فلا بد أن يختص وصف أهل السنة بأحدهما دون الآخر، فلنحكم بينهما بالعدل، ولنعرضهما على ميزان القسط وهو كتاب الله - تعالى -، وسنة رسوله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكلام الصحابة، والتابعين لهم بإحسان من سلف الأمة وأئمتها. وليس في هذا الميزان ما يدل بأي وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>