للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسعي وحلق أو قصر فلا يخلو من حالين: إما أن يكون من نيته أن يخرج من مكة من حين انتهاء العمرة فهذا لا وداع عليه، وإما أن يكون عازماً على البقاء بعد العمرة، فإذا بقي بعد العمرة ولو ساعة واحدة فإن عليه أن يطوف للوداع، لأنه ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" (١) . وفي لفظ: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" وهذا شامل

للحج والعمرة، فإن العمرة قد دخلت في الحج، ولهذا تسمى حجًّا أصغر، وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث يعلى بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "افعل في عمرتك كما تفعل في الحج" (٢) وهذا عام شامل في كل ما يصنع في الحج أنه يصنع في العمرة إلا ما

خصه الدليل بالنص، أو الإجماع، كالوقوف بعرفة، والمبيت بالمزدلفة، ورمي الجمار، فإن ذلك ليس مشروع في العمرة، هذا هو القول الراجح عندي.

وقال بعض أهل العلم؟ إن العمرة ليس فيها طواف الوداع، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قال: "لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" (٣) قاله في حجة الوداع ولم يقله في العمرة.

والجواب على هذا الحديث: أن يقال: إن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك في الحج لا ينفي أن يكون واجباً في العمرة، لأن قوله إياه في الحج


(١) تقدم ص ٨٠.
(٢) تقدم ص ٣٦٤.
(٣) تقدم ص ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>