للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه دينهم، فرأى - صلى الله عليه وسلم - أن من المناسب أن يبقى في المدينة يتلقى أولئك الوفود.

الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن تكون حجته حجة خالصة للمسلمين بمعنى ألا يشارك فيها مشرك، ولهذا أمر أبا بكر رضي الله عنه أن يؤذن في الناس في السنة التاسعة، أن لا يحج بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان (١) ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه حاج في العام العاشر من الهجرة، فقدم إلى المدينة بشر كثير يقدرون بنحو مائة ألف، يرون من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شمائله مد البصر (٢) ، فحج عليه الصلاة والسلام في ذلك العام.

ولكن على من يجب الحج أهو على كل إنسان؟ بين الله من يجب عليه بقوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (٣) لم يقل في الصلاة من استطاع أن يصلي ولا في الصوم من استطاع أن يصوم، بل في الحج من استطاع إليه سبيلاً، وذلك لأن الحج يكون من أنحاء بعيدة ويشق على الناس الوصول إلى البيت، فلهذا قيده الله عز وجل بقوله: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) والاستطاعة نوعان: استطاعة بالمال،

واستطاعة بالبدن، فالاستطاعة بالمال بأن يكون عند الإنسان ما يحج به من المال زائداً على نفقاته وحاجته وضرورياته وقضاء ديونه، وبناء على ذلك إذا كان على الإنسان دين لا يستطيع وفائه مع


(١) أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك (١٦٢٢) ، ومسلم، كتاب الحج، باب لا يحج البيت مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (١٣٤٧) .
(٢) مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومسلم (١٢١٨) .
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>