الوجه الثالث: أن اجتماع العلو والمعية لو فرض أنه ممتنع في حق المخلوق لم يلزم أن يكون ممتنعا في حق الخالق، فإن الله لا يماثله شيء من خلقه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص١١٦ط ثالثة من شرح الهراس: وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته، فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وهو عليّ في دنوه قريب في علوه. ا. هـ.
وخلاصة القول في هذا الموضوع كما يلي:
١ - أن معية الله تعالى لخلقه ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف.
٢ - أنها حق على حقيقتها على ما يليق بالله تعالى من غير أن تشبه معية المخلوق للمخلوق.
٣ - أنها تقتضي إحاطة الله تعالى بالخلق علما وقدرة، وسمعا وبصرا وسلطانا وتدبيرا، وغير ذلك من معاني ربوبيته، إن كانت المعية عامة، وتقتضي مع ذلك نصرا وتأييدا وتوفيقا وتسديدا إن كانت خاصة.
٤ - أنها لا تقتضي أن يكون الله تعالى مختلطا بالخلق، أو حالا في أمكنتهم، ولا تدل على ذلك بوجه من الوجوه.
٥ - إذا تدبرنا ما سبق علمنا أنه لا منافاة بين كون الله تعالى مع خلقه حقيقة، وكونه في السماء على عرشه حقيقة. سبحانه وبحمده لا نحصى ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.