الطابع أو الناسخ تقلبُ المعنى رأساً على عقب، وتجعل الدعاء للطائف دعاء عليه، فيدعو على نفسه من حيث لا يشعر، وقد سمعنا من هذا العَجَبَ العجاب.
ولو دعا الطائف ربه بما يريده ويعرفه، فيقصد معناه لكان خيراً له وأنفع، ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر تأسياً وأتبع.
ومن الخطأ الذي يرتكبه بعضُ الطائفين أن يجتمع جماعةٌ على قائد يطوف بهم ويُلقنهم الدعاء بصوت مرتفع فيتبعه الجماعة بصوت واحد، فتعلوا الأصوات، وتحصل الفوضى، ويتشوش بقية الطائفين، فلا يدرون ما يقولون، وفي هذا إذهاب للخشوع، وإيذاء لعباد الله في هذا المكان الآمن.
وقد خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على الناس وهم يُصلون ويجهرون بالقراءة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم يُناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن "(١) . رواه مالك في "الموطأ"، قال ابن عبد البر: وهو حديثٌ صحيح.
ويا حبذا لو أن هذا القائد إذا أقبل بهم على الكعبة وقف بهم وقال: افعلوا كذا، قولوا كذا، ادعوا بما تُحبون، وصار يمشي معهم في المطاف حتى لا يخطىء منهم أحد، فطافوا بخشوع وطمأنينة، يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، وتضرعاً وخُفية بما يحبونه، وما يعرفون معناه ويقصدونه، وسَلِمَ الناسُ من أذهم.
(١) رواه مالك، كتاب الصلاة وباب العمل في القراءة (١/٨٦) (٢٢٥) .