للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الموطأ" عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه قال: "لا يَصدُرن أحدٌ من الحج حتى يطوف بالبيت، فإن آخر النسك الطوافُ بالبيت ".

وفيه عن يحيى بن سعيد أن عمر رضي الله عنه ردّ رجلاً من مرِّ الظهران لم يكن ودّع البيت حتى ودَّع.

والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس هنا:

١- نزولهم من منى يوم النفر قبل رمي الجمرات، فيطوفوا للوداع ثم يرجعوا إلى منى فيرموا الجمرات، ثم يُسافروا إلى بلادهم من هناك.

وهذا لا يجوز، لأنه مخالف لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت، فإن من رمى بعد طواف الوداع فقد جعل آخرَ عهده بالجمار لا بالبيت، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطف للوداع إلا عند خروجه حين استكمل جميع مناسك الحج، وقد قال: "خذوا عني مناسككم " (١) .

وأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه صريح في أن الطواف بالبيت آخرُ النسك، فمن طافَ للوداع ثم رمى بعده فطوافه غير مجزىء لوقوعه في غير محله، فيجبُ عليه إعادته بعد الرمي، فإن لم يُعد كان حكمه حكم من تركه.

٢- مُكثهم بمكة بعد طواف الوداع، فلا يكون آخر عهدهم بالبيت وهذا خلاف مما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبينه لأمته بفعله، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يكون آخر عهد الحاج بالبيت، ولم يطف للوداع إلا عند خروجه، وهكذا فعل أصحابه، ولكن رخص أهلُ العلم في الإقامة بعد طوافِ الوداع للحاجة إذا كانت عارضةً، كما لو أقيمت الصلاة بعد طوافه للوداع فصلاها، أو حضرت جنازةٌ فصلى عليها أو كان له حاجةٌ تتعلق


(١) تقدم تخريجه ص ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>