(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)) (١) ، وتلك الآية في صدر سورة آل عمران النازل عام الوفود سنة تسع من الهجرة، وحكمة تأخر فرضه- والله أعلم- أن مكة- زادها الله شرفاً- كانت قبل تلك السنة تحت سيطرة المشركين من قريش، فليس يتسنى للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أن يحجوا على الوجه الأكمل، وما أمر عمرة الحديبية ببعيد، فقد صدَّ المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه سنة ست من الهجرة عن إتمام عمرتهم.
والحج فريضة على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع للحج بماله وبدنه.
فأما غير البالغ، فلا يجب الحج عليه، لكن يصح منه، وله فيه أجر حج التطوع، وإذا بلغ أدَّى الفريضة؛ لأن حجه قبل بلوغه حج قبل وقت خطابه به، فهو كما لو أدى صلاة الفريضة قبل وقتها.
والعاجز عن الحج بماله كالفقير والرقيق لا يجب عليه الحج؛ لقوله تعالى:(مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) وهذا غير مستطيع فلا يجب عليه.
وأما العاجر ببدنه فقط: فإن كان عجزه لا يرجى زواله كالكبر والمرض المستمر فإنه يوكِّل من يحج عنه، وإن كان عجزه يرجى زواله كالمرض الطارئ فإنه ينتظر حتى يشفى منه ثم يحج، فإن مات قبل ذلك حُجَّ عنه من تركته.