لتشكيك المستمع هل هو من قبيل المشترك الذي اتحد لفظه واختلف معناه نظرا لاختلاف مقتضاه وحكمه؟ أو هو من قبيل المتواطئ الذي اتحد لفظه ومعناه نظرا لأصل المعنى؟
والتحقيق أنه نوع من المتواطئ، لأن واضع اللغة وضع هذا اللفظ بإزاء القدر المشترك، واختلاف حكمه ومقتضاه إنما هو بحسب الإضافات والقرائن لا بأصل الوضع، لكن لما كانت نوعا خاصا من المتواطأة؟ فلا بأس بتخصيصها بلفظ، إذا تبين ذلك فقد اتضح أن لفظ المعية المضاف إلى الله مستعمل في حقيقته لا في مجازه، غير أن معية الله لخلقه معية تليق به، فليست كمعية المخلوق للمخلوق بل هي أعلى، وأكمل، ولا يلحقها من اللوازم والخصائص ما يلحق معية المخلوق للمخلوق.
هذا وقد فسر بعض السلف معية الله لخلقه: بعلمه بهم، وهذا تفسير للمعية ببعض لوازمها، وغرضهم به الرد على حلولية الجهمية الذين قالوا: إن الله بذاته في كل مكان واستدلوا بنصوص المعية، فبين هؤلاء السلف أنه لا يراد من المعية كون الله معنا بذاته، فإن هذا محال عقلا، وشرعا، لأنه ينافي ما وجب من علوه ويقتضي أن تحيط به مخلوقاته وهو محال.
أقسام معية الله لخلقه:
تنقسم معية الله لخلقه إلى قسمين: عامة، وخاصة:
فالعامة هي التي تقتضي الإحاطة بجميع الخلق من مؤمن، وكافر، وبر، وفاجر في العلم، والقدرة، والتدبير والسلطان وغير ذلك من معاني الربوبية.
وهذه المعية توجب لمن آمن بها كمال المراقبة لله عز وجل، ولذلك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«أفضل الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت» .