النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: قد أراد نَفَرٌ مِنا ستَّةٌ أن يفعلوا ذلك، فنهاهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وقال:{لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فأتيتُ ابن عباس فسألتُه عن وترِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: أدُلُّكَ على أعلمِ الناس بوتر رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأتِ عائشةَ، فأتيتُها، فاستتبعت حكيمَ بن أفلح، فأبى، فناشدتُه، فانطلقَ معي، فاستأذنَّا على عائشة، فقالت: من هذا؟ قال: حكيم بن أفلح، قالت: ومن معك؟ قال: سعد بن هشام، قالت: هشام بن عامر الذي قتل يوم أحد؟ قال: قلتُ: نعم، قالت: نِعْمَ المرءُ كان عامرٌ، قال: قلتُ: يا أمَّ المؤمنين حدثيني عن خُلِق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: ألستَ تقرأ القرآن؟ فإن خُلُقَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان القرآنُ.
قال: قلت: حدِّثيني عن قيام الليل، قالت: ألست تقرأ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قال: قلت: بلى، قالت: فإن أوَّل هذه السورة نزلت، فقام أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى انتفخت أقدامُهم، وحُبِسَ خاتمتُها في السَّماء اثني عَشَر شهراً، ثم نزل آخِرُها، فصار قيامُ الليل تطوعاً بعد فريضة.
قال: قلت: حدِّثيني عن وتر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قالت: كان يؤتِرُ بثمانِ ركعاتٍ، لا يجلسُ إلا في الثامنة، ثم يقومُ فيُصلي ركعةً أخرى، لا يجلس إلا في الثامنة والتاسعة، ولا يُسلّم إلا في التاسعة، ثم يصلِّي ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عشرة ركعةً يا بني، فلما أسنَّ وأخذَ اللحمَ أوتر بسبع ركعاتٍ، لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يُسَلِّم إلا في السابعة، ثم يصلّي ركعتين وهو جالس، فتلك تسعُ رَكَعاتٍ يا بنيَّ. ولم يَقُم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليلةً يُتمُّها إلى الصباح، ولم