قال الخطابي: معناه: الكلأ ينت في موات الأرض يرعاه الناس ليس لأحد أن يختصَّ به دون أحد، ويحجزه عن غيره، وكان أهل الجاهلية إذا غزا الرجلُ منهم حَمى بقعة من الأرض لماشيته ترعاها يذود الناسَ عنها، فأبطل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ذلك وجعل الناسَ فيها شِرعاً يتعاورونه بينهم، فأما الكلأ إذا نبت في أرض مملوكة لمالك بعينه، فهو مال له ليس لأحد أن يشركه فيه إلا بإذنه. وأما قوله: "والنار" فقد فسره بعض العلماء وذهب إلى أنه أراد به الحجارة التي تُوري النار، يقول: لا يُمنع أحدٌ أن يأخذ منها حجراً يقتدح به النار، فأما التي يوقدها الإنسان فله أن يمنع غيره من أخذها. وقال بعضهم: ليس له أن يمنع من يريد أن يأخذ منها جذوة من الحطب الذي قد احترق فصار جمراً، وليس له أن يمنع من أراد أن يستصبح منها مصباحاً، أو أن يُدني منها ضِغْثاً يشتعِل به، لأن ذلك لا يَنقُص من عينها شيئاً. والله أعلم. (١) إسناده صحيح. أبو المنهال: هو عبد الرحمن بن مُطعِم البُناني. وأخرجه الترمذي (١٣١٧)، والنسائي (٤٦٦٢) من طريق داود بن عبد الرحمن، والنسائي (٤٦٦٣) من طريق ابن جريج، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. زاد النسائي في رواية داود: وباع قيِّمُ الوَهَط فضل ماءِ الوهط، فكرهه عبدُ الله بنُ عمرو. والوَهَط: مال كان لعمرو بن العاص بالطائف على ثلاثة أميال من وَجٍّ، وهو كرْمٌ موصوف كان يُعرش على ألف ألف خشبة، شراء كل خشبة بدرهم، قال ياقوت: حج سليمان بن عبد الملك فمر بالوهط فقال: أحب أن انظر إليه، فلما رآه، قال: هذا أكرم مال وأحسنه، ما رأيت لأحد مثله لولا أن هذه الحرة في وسطه، فقيل له: ليست بحرة، ولكنها مسطاح الزبيب، وكان زبيبه جمع في وسطه، فلما رآه من البعد ظنه حرة سوداء. =