للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - باب اجتناب الشبُهات

٣٣٢٩ - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا أبو شِهابٍ، حدَّثنا ابنُ عَونٍ، عن الشعبيِّ قال:


= وأخرجه ابن ماجه (٢٤٠٦) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا إلاسناد. قال الخطابي: في هذا الحديث إثبات الحمالة والضمان، وفيه إثبات ملازمة الغريم، ومنعه من التصرف حتى يُخرِجَ الحقَّ الذي عليه. وأما ردّه الذهب الذي استخرجه من المعدن، وقوله: "لا حاجة لنا فيه ليس فيه خير" فيشبه أن يكون ذلك لسبب علمه فيه خاصة، لا من جهة أن الذهب المستخرج من المعدن لا يباح تموله وتملكه، فإن عامة الذهب والورِق مستخرجة من المعادن، وقد أقطع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بلال بن الحارث المعادن القَبَليَّه، وكانوا يؤدون عنها الحق، وهو عمل المسلمين وعليه أمر الناس إلى اليوم. ويُحتمل أن يكون ذلك من أجل أن أصحاب المعادن يبيعون ترابها ممن يعالجه فيحصل ما فيه من ذهب أو فضة، وهو غرر، لا يدرى هل يوجد فيه شيء منهما أم لا؟ وقد كره بيع تراب المعادن جماعة من العلماء منهم عطاء والشعبي وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.
وفيه وجه آخر: وهو أن معنى قوله: "لا حاجة لنا فيها، وليس لنا فيها خير" أي: ليس لها رواج ولا لحاجتنا فيها نجاح، وذلك أن الذي كان تحمله عنه دنانير مضروبة، والذي جاء به تِبْر غير مضروب، وليس بحضرته من يضربه دنانير، وإنما كان تحمل إليهم الدنانير من بلاد الروم، وأول من وضع السكة في الإسلام وضرب الدنانير عبدُ الملك ابن مروان.
وقد يحتمل ذلك أيضاً وجهاً آخر، وهو أن يكون إنما كرهه لما يقع فيه من الشبهة، ويدخله من الغرر عند استخراجهم إياه من المعدن، وذلك أنهم إنما استخرجوه بالعشر أو الخمس أو الثلث مما يصيبونه، وهو غرر لا يُدرى هل يصيب العامل فيه شيئاً أم لا؟ فكان ذلك بمنزلة العقد على رد الآبق والبعير الشارد، لأنه لا يُدرى أيظفر به أم لا؟ وفيه أيضاً نوع من الخطر والتغرير بالأنفس، لأن المعدن ربما انهار على من يعمل فيه، فكره من أجل ذلك معالجته واستخراج ما فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>