وقد يكون نوع من الإقطاع إرفاقاً من غير تمليك، وذلك كالمقاعد في الأسواق والمنازل في الأسفار إنما يرتفق بها ولا تمتلك. فأما توريثه الدورَ نساءَ المهاجرين خصوصاً، فيشبه أن يكون ذلك على معنى القسمة بين الورثة، وإنما خصصهن بالدور لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهن بها، فجاز لهن الدور لما رأى من المصلحة ذلك. وفيه وجه آخر: وهو أن تكون تلك الدور في أيديهن مدى حياتهن على سبيل الإرفاق بالسكنى دون الملك، كما كانت دور النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وحُجَرُه في أيدي نسائه بعده لا على سبيل الميراث فإنه -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "نحن لا نورث، ما تركناه صدقه" ويحكى عن سفيان بن عيينة أنه قال: كان نساء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في معنى المعتدات لأنهن لا ينكحن، وللمعتدة السكنى، فجعل لهن سكنى البيوت ما عِشن ولا يملكن رقابها. (١) إسناده حسن إن شاء الله، أبو عبد الله اختُلف في تعيينه، فذهب الطبراني في "المعجم الكبير"٢٠/ (١٩٦)، وفي "مسند الشاميين" (١٢٢٢) إلى أنه أبو عبد الله الأشعري، وإلى ذلك ذهب المزي في "تحفة الأشراف"، و "تهديب الكمال"، ولكن أبا القاسم ابن عساكر ذهب إلى أنه رجل آخر غير الأشعري، وأن اسمه مسلم الخزاعي مولاهم صاحب حرس معاوية، وهو أول من ولي الحرس، ومال إلى قوله ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، قلنا: ولا يبعد أن يكون هو مسلم بن مِشكَم الخزاعي الدمشقي =