لم يختلف أهلُ العلم في تسمية كتاب أبي داود هذا بـ"السنن"، لأنه رحمه الله نفسَه قد سمَّاه بذلك في "رسالته إلى أهل مكة".
وقد ألف الإمام أبو داود كتابه "السنن" وهو في طَرَسُوسَ مرابطاً في أحد ثغور المسلمين على بلاد الروم -ويقع الآن في جنوب تركيا، قويباً من أضنة، وهي أقوب من أضنة إلى البحر الأبيض المتوسط- في مدة عشرين سنة كما صرح هو بذلك في "رسالته": أقمتُ بطرسوس عشرين سنة، كتبت المسند، وكتبت أربعة آلاف حديث لمن وفقه الله (١).
وقد رامَ الإمامُ أبو داود مِن تصنيفِ كتابه هذا إلى إيرادِ السننِ الواردةِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الاستقصاء، وفي ذلك يقول:"فإن ذكر لك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سنةٌ ليس مما خرَّجتُه، فاعلم أنَّه حديث واهٍ". كذا قال في "رسالته"، وهو محمول على ما انتهى إليه مِن السنن، وإلا فقد فاته عدد غير قليل منها حتى الأحاديث المتعلقة بالأحكام، قال الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله: وأقربُ دليلٍ على ذلك ما تراه في كتب التخاريج مثل كتاب "نصبِ الراية" للحافظ الزيلعي،
(١) أبو الطاهر السَّلفي في مقدمته على شرح الخطابي ٤/ ٣٦٦.