قال الخطابي: قوله: "لا تحشَروا" معناه: الحشر في الجهاد والنفير له. وقوله: "وأن لا تعشروا" معناه: الصدقة، أي: لا يؤخذ عشرُ أموالهم. وقوله: "أن لا يُجَبُّوا" معناه: لا يصلُّوا، وأصل التجبية أن يكبَّ الإنسان على مُقَدَّمِه ويرفع مُؤخِّره. قلت [القائل الخطابي]: ويشبه أن يكون النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا واجبين في العاجل، لأن الصدقة إنما تجب بحلول الحول، والجهاد إنما يجب لحضور العدو، فأما الصلاة فهي راهنةٌ في كل يوم وليلة في أوقاتها الموقوتة ولم يجز أن يشترطوا تركها، وقد سئل جابر بن عبد الله عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد، فقال: عَلِمَ أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا. وفي هذا الحديث من العلم أن الكافر يجوز له دخول المسجد لحاجة له فيه أو للمسلم إليه.