جانب ذلك يتولون حماية الثغور لصدِّ أي هجوم مِن قبل العدو في البلاد المتاخمة، حماية لحدود دولةِ الإسلام من أن تُخْتَرَقَ مِن جهتهم، وكانت سجستان إحدى تلك الثغور.
[عصره، وسيرته العلمية، ورحلته وشيوخه]
نشأ الإمامُ أبو داود وعاش في عصرٍ زاخرٍ بأهلِ العلم في مختلِف التخصصات، لا سيما في علم الحديث والرواية الذي بلغ أوجَه في القرن الثالث الهجري. فكان فيه عددٌ كبير من الحفاظِ الكبارِ الذين سجَّل لنا التاريخُ مآثِرهم، وحَفِظَتْ لنا الدواوينُ التي صنَّفوها مروياتِهم، وامتلأت الخزانة الإسلامية في ذلك القرن بالمصنفاتِ الجليلةِ التي لا يستغني عنها طالب علم البتة.
وقد شاعت آنذاك الرِّحْلَةُ في طلبِ العلم، فقلما تَجِدُ طالبَ علم إلا ويتركُ وطنَه ومسقِط رأسه، ليرحل إلى مختلِفِ الأقطارِ الإسلامية التي كانت حَوَاضر للعلم والعلماء رغبةً في الالتقاء بأهل العلم الكبار الذين عُرفوا بحفظ الحديث وروايته، يختلف إلى مجالسهم، للأخذ عنهم والإفادة منهم، واستنزاف ما صح عندهم من الرواية.
فكان أمثالُ الأئمة أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١ هـ) ويحيى بن معين (ت: ٢٣٣ هـ) وابن أبي شيبة (ت: ٢٣٥ هـ) وابن راهويه (ت: ٢٣٨ هـ) وأبي حاتم (ت: ٢٥٠ هـ) وأبي زرعة (ت: ٢٦٤ هـ) الرّازيين، والبخاري (ت: ٢٥٦ هـ)، والذهلي (ت: ٢٥٨ هـ) ومسلم (ت: ٢٦١ هـ) إلى غير هؤلاء الذين كانوا مهوى أفئدةِ طلبةِ العلم ومقصدَهم.