وهو في "مسند أحمد" (١٦٢٠٨) و (١٨٣٠٠)، و"صحيح ابن حبان" (٣٨٥١). قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه أن من وقف بعرفات وقفة ما بين الزوال من يوم عرفة إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج. وقال أصحاب مالك: النهار تبع الليل في الوقوف، فمن لم يقف بعرفة حتى تغرب الشمس فقد فاته الحج وعليه حج من قابل، وروي عن الحسن أنه قال: عليه هدي من الإبل وحجه تام. وقال أكثر الفقهاه: من صدر من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دم وحجه تام. وكذلك قال عطاء وسفيان الثوري وأصحاب الرأي وهو قول الشافعي وأحمد. وقال مالك والشافعي: فيمن دفع من عرنة قبل غروب الشمس ثم رجع إليها قبل طلوع الفجر، فلا شيء عليه. وقال أصحاب الرأي: إذا رجع بعد غروب الشمس ووقف لم يسقط عنه الدم، وظاهر قوله: "من أدرك معنا هذه الصلاة" شرط لا يصح الحج إلا بشهوده جمعاً، وقد قال به غير واحد من أعيان أهل العلم، قال علقمة والشعبي والنخعي: إذا فاته جمع ولم يقف به فقد فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة. وممن تابعهم على ذلك أبو عبد الرحمن الشافعي وإليه ذهب محمد بن إسحاق ابن خزيمة - وأحسب محمد بن جرير الطبري أيضاً - واحتجوا، أو من احتج منهم بقوله سبحانه: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨]، وهذا نص، والأمر على الوجوب، فتركه لا يجوز بوجه. وقال أكثر الفقهاء: إن فاته المبيت بالمزدلفة والوقوف بها أجزأه وعليه دم. وقوله: "ففد تم حجه" يريد به معظم الحج وهو الوقوف بعرفة لأنه هو الذي يخاف عليه الفوات، فأما طواف الزيارة فلا يخشى فواته، وهذا كقوله: "الحج عرفة" أي: معظم الحج هو الوقوف بعرفة.