للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا: تجب بمضي كل حول، ووافقهم المالكية فيما إذا كان التاجر مديراً وهو الذي يبيع كيفما اتفق، ولا ينتظر ارتفاع الأسعار كأرباب الحوانيت، بخلاف ما إذا كان محتكراً، وهو الذي ينتظر بالسلع ارتفاع الأسعار، فإنه يزكيها إذا باعها عن عام واحدٍ ولو كانت عنده أعواماً. وانظر "الموطأ"١/ ٢٥٥.
وقال البغوي في "شرح السنة" ٦/ ٥٣: ذهب عامة أهل العلم إلى أن التجارة تجب الزكاة في قيمتها إذا كانت نصاباً عند تمام الحول، فيُخرج منها ربعُ العُشر، وقال داود: زكاة التجارة غير واجبة، رهو مسبوق بالإجماع.
وقال العلامة محمد رشيد رضا: جمهور علماء الملة يقولون بوجوب زكاة عروض التجارة، وليس فيها نص قطعي من الكتاب والسنة، وإنما ورد فيها روايات يقوي بعضها بعضاً مع الاعتبار المستنِد إلى النصوص، وهو أن عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي هي أثمانها، إلا في كون النصاب يتقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد، والمُثمن وهو العروض. فلو لم تجب الزكاة في التجارة لأمكن لجميع الأغنياء أو أكثرهم أن يتّجروا بنقودهم، ويتحرَّوا أن لا يحول الحولُ على نصاب من النقدين أبداً، وبذلك تبطل الزكاة فيهما عندهم. ورأس الاعتبار في المسألة أن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم، وإقامة المصالح العامة، وأن الفائدة في ذلك للأغنياء تطهير أنفسهم من رذيلة البخل وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء، وسائر أصناف المستحقين ومساعدة الدولة والأمة في إقامة المصالح العامة، والفائدة للفقراء وغيرهم إعانتهم على نوائب الدهر، مع ما في ذلك من سدّ ذريعة المفاسد في تضخم الأموال، وحصرها في أناس معدودين، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة الفيء {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧]، فهل يُعقل أن يخرج من هذه المقاصد الشرعية كلها التجار الذين ربما تكون معظمُ ثروة الأمة في أيديهم؟
وقال الشيخ محمود شلتوت في كتابه "الفتاوى" ص ١٢١: وأما عروض التجارة فالرأي الذي يجب التعويلُ عليه - وهو رأي جماهير العلماء من سلف الأمة وخَلَفها - أنه تجب فيها الزكاة متى بلغت قيمتها في آخر الحول نصاباً نقدياً، ومعنى هذا أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>