ركب القَصواءَ، حتى إذا استَوَتْ به ناقتُه على البيداءِ، قال جابرٌ:
نظرت إلى مَدِّ بصري مِنْ بين يديه من راكبٍ وماشٍ وعن يمينه مثلَ ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثلَ ذلك، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين أظهرنا، وعليه يَنزِلُ القُرآنُ، وهو يعلمُ تأويلَه، فما عَمِلَ بهِ من شيءٍ عَمِلنا به.
فأهلَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالتوحيدِ "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شَرِيكَ لك، لَبيْكَ إن الحمدَ والنعمة لك، والملكَ، لا شريكَ لَكَ" وأهَلَّ الناسُ بهذا الذي يُهِلُّون به، فلم يَرُدَّ عليهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - شيئاً منه، ولزِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - تلبيتَه.
قال جابر: لسنا نَنوي إلا الحجَّ، لسنا نعرف العُمْرةَ، حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم تقدَّمَ إلى مقامِ إبراهيمَ فقرأ:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥] فجعل المقامَ بينه وبينَ البيتِ، قال: فكان أبي يقولُ: - قال ابن نُفَيل وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال سليمانُ: ولا أعلمه إلا قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأُ في الركعتين بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وبـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم رجع إلى البيتِ فاستلم الركنَ.
ثم خرجَ من الباب إلى الصفا، فلما دنا مِن الصَّفا قرأ:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}[البقرة: ١٥٨]"نبدأ بما بدأ الله به" فبدأ بالصفا فرقِيَ عليه حتى رأى البيت فكبَّر الله ووحَّده وقال: "لا إله إلا الله وحدَه، لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، يُحيي ويُميت،