للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن سَحْماء" فجاءت به كذلك، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "لولا ما مضى من كِتابِ اللهِ لكان لي ولها شأن" (١).

قال أبو داود: وهذا مما تفرد به أهل المدينة، حديث ابن بشار حديث هلال.


(١) إسناده صحيح. ابن أبي عدي: هو محمد بن ابراهيم.
وأخرجه البخارى (٢٦٧١) و (٤٧٤٧) و (٥٣٠٧) مختصراً، وابن ماجه (٢٠٦٧)، والترمذى (٣٤٥٣) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وانظر ما سيأتي برقم (٢٢٥٦).
قال الخطابي: فيه من الفقه أن الزوج إذا قذف امرأته برجل بعينه، ثم تلاعنا، فإن اللعان يسقط عنه الحد، فيصير في التقدير ذكره المقذوف به تبعاً لا يعتبر حكمه، وذلك لأنه -صلَّى الله عليه وسلم- قال لهلال بن أمية: "البينة أو حدٌ في ظهرك" فلما تلاعنا لم يعرض لهلال بالحد، ولا روي في شي من الأخبار أن شريكاً بن سحماء عفا عنه، فعلم أن الحد الذي كان يلزمه بالقذف سقط عنه باللعان، وذلك لأنه مضطر إلى ذكر من يقذفها به، لإزالة الضرر عن نفسه، فلم يجعل أمره على القصد له بالقذف وإدخال الضرر عليه.
وقال الشافعي: إنما يسقط الحد إذا ذكر الرجل، وسماه في اللعان، فإن لم يفعل ذلك حُدَّ له. وقال أبو حنيفة: الحد لازم له، وللرجل مطالبته به، وقال مالك: يحد للرجل ويلاعن للزوجة.
وفي قوله: "البينة وإلا حد في ظهرك" دليل على أنه إذ قذف زوجته، ثم لم يأت بالبينة، ولم يلاعن كان عليه الحد (أي: حد القذف) وقال أبو حنيفة: إذا لم يلتعن الزوج فلا شيء عليه.
وفي قوله عند الخامسة: "إنها موجبة" دليل على أن اللعان لا يتم إلا باستيفاء عدد الخمس، وإليه ذهب الشافعى وقال أبو حيفة: إذا جاء بأكثر الحدد أناب عن الجميع - وقوله: "الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل من تائب" فيه دليل على أن البينتين إذا تعارضتا تهاترتا وسقطتا.
وفيه دليل على أن الإمام إنما عليه أن يحكم بالظاهر، وإن كانت هناك شبهة تعترض وأمور تدل على خلافه، ألا تراه يقول: "لولا ما مضي من كتاب الله، لكان لي ولها شأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>