(١) إسناده صحيح. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي- قد صرحا بالسماع، فانتفت شبهة تدليسهما. أحمد بن إبراهيم: هو ابن كثير الدَّورَقي، وحجّاج: هو ابن محمد الأعور. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (١١٣٠١) من طريق حجّاج، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (٣٠٢٩) من طريق أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر، أن جارية لعبد الله بن أبيّ ابن سلول، يقال لها: مُسَيكة، وأخرى يقال لها: أميمة، فكان يكرههما على الزنى، فشكتا ذلك إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فأنزل الله: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} .... إلي قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٣٣] وقوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ} أي: إماءكم، فإنه يكنى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة. وفي الحديث الصحيح: "ليقل أحدكم: فتاي وفتاتيِ، ولا يقل: عبدي وأمتي". وقوله تعالى: {عَلَى الْبِغَاءِ} أي: على الزنى، يقال: بَغتْ بَغِيّاً وبغاءً: إذا عهرت، وذلك لتجاوزها ما ليس لها. وقوله تعالى: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} ليس لتخصيص النهي بصورة إرادتهن التعفف عن الزنى، وإخراج ما عداها من حُكمه، بل للمحافظة على عادتهم المستمرة حيث كانوا يكرهونهن على البغاء، وهن يردن التعفف عنه مع وفور شهوتهن الآمرة بالفجور وقصورهن في معرفة الأمور الداعية الى المحاسن الزاجرة عن تعاطي القبائح. أفاده أبو السعود في "تفسيره". وحينئذ لا مفهوم للشرط. وانظر ما بعده.