قلنا: وبحسب رواية ابن الجارود والطبري التامة يتضح أن ابن عباس كان يرى أن قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان حكماً خاصاً للشيخ الكبير والعجوز اللذين يطيقان الصوم كان مرخَّصاً لهما أن يفديا صومهما بإطعام مسكين ويفطرا، ثم نسخ ذلك بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشابَّ، إلا أن يعجِزا عن الصوم فيكون ذلك الحكم الذي كان لهما قبل النسخ ثابتاً لهما حينئذٍ بحاله. بيَّنه الطبري ٢/ ١٣٥. وهذا يُخالف روايات أخرى من غير طريق سعيد بن جبير نص فيها ابن عباس على أن الآية محكمة لم تُنسَخ بحالٍ. منها: ما أخرجه البخاري (٤٥٠٥)، والنسائي في "الكبرى" (٢٦٣٨) و (١٠٩٥١)، والطبري ٢/ ١٣٨، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ٦/ ١٨٢، والطبراني في "الكبير" (١١٣٨٨) والدارقطني (٢٣٧٧) و (٢٣٧٨) و (٢٣٨١)، والحاكم ١/ ٤٤٠، والبيهقي ٤/ ٢٧٠ من طريق عمرو بن دينار، والبيهقي ٤/ ٢٧١ من طريق ابن أبي نجيح، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [وتحرف عند النسائي والطبري والدارقطني (٢٣٧٧) و (٢٣٧٨) و (٢٣٨١)، والحاكم (يطوَّقونه) إلى: يطيقونه] قال: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً. وقد صحح الدارقطني (٢٣٧٩) إسناد طريق ابن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح. وأخرجه الطبري ٢/ ١٣٧ و ١٣٨ من طريق مجاهد بن جبر المكي، وعبد الرزاق (٧٥٧٣)، والطبري ٢/ ١٣٧، والطبراني في "الكبير" (١١٨٥٤) من طريق عكرمة، كلاهما عن ابن عباس أنه قال: ليست بمنسوخة. وعند بعضهم: هي للناس اليوم قائمة.=