قال الخطابي: فيه دليل على كراهة الجعائل (ما يعطاه الإنسان على الأمر بفعله، والمراد به في الحديث: أن يكتب الجهاد على الرجل فيعطي آخر شيئاً من المال ليخرج مكانه، أو يدفع المقيم إلى الغازي شيئاً فيقيم الغازي، ويخرج هو). وفيه دليل على أن عقد الإجارة على الجهاد غير جائز. وقد اختلف الناس في الأجير يحضر الوقعة، هل يُسهم له، فقال الأوزاعي: المستأجَر على خدمة القوم لا سهم له، وكذلك قال إسحاق بن راهويه، وقال سفيان الثوري: يُسهَم له إذا غزا وقاتل، وقال مالك وأحمد: يُسهَم له إذا شهد وكان مع الناس عند القتال. قال الخطابي: قلت: يشبه أن يكون معناه في ذلك أن الإجارةَ إذا عقدت على أن يجاهد عن المستأجِر، فإنه إذا صار جهاده لحضور الوقعة فرضاً عن نفسه، بطل معنى الإجارة، وصار الأجيرُ واحداً من جملة من حضر الوقعة، فإنه يُعطى سهمَه إلا أن حصة الأجرة لتلك المدة ساقطة عن المستأجر.