وأخرجه مسلم (٩٦)، والنسائي في "الكبرى" (٨٥٤٠) من طريق الأعمش، به. وأخرجه بنحوه البخاري (٤٢٦٩)، ومسلم (٩٦)، والنسائي (٨٥٤١) من طريق حصين بن عبد الرحمن الواسطي، عن أبي ظبيان، به. وهو في "مسند أحمد" (٢١٧٤٥)، و"صحيح ابن حبان" (٤٧٥١). الحُرَقات: بضم الحاء وفتح الراء بعدها قاف: نسبة إلى الحُرَقَة: بطن من جهينة سموا بذلك لوقعة كانت بينهم وبين بنى مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، فأحرقوهم بالسهام لكثرة من قتلوا منهم، وهذه السرية يقال لها: سرية غالب بن عبيد الله الليثي وكانت في رمضان سنة سبع فيما ذكره ابن سعد ٢/ ١١٩ عن شيخه محمد بن عمر، وكذا ذكره ابن إسحاق في المغازي (وانظر ابن هشام ٤/ ٢٧١) حدثني شيخ من أسلم عن رجال من قومه، قالوا: بعث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- غالب بن عبد الله الكلبي ثم الليثي إلى أرض بني مرة، وبها مرداس بن نهيل حليف لهم من بنى الحرقة، فقتله أسامة بن زيد. قال الخطابي: فيه من الفقه: أن الكافر إذا تكلم بالشهادة، وإن لم يَصف الإيمان، وجب الكفُّ عنه، والوقوفُ عن قتله، سواء بعد القدرة عليه أو قبلَها. وفي قوله: "هلا شققتَ عن قلبه؟ " دليل على أن الحكم إنما يجري على الظاهر، وأن السرائر موكولة إلى الله سبحانه. وفيه أنه لم يُلزم أسامة مع إنكاره عليه الدية. ويشبه أن يكون المعنى فيه: أن أصل دماء الكفار الإباحة، وكان عند أسامة: أنه إنما تكلم بكلمة التوحيد مستعيذاً من القتل، لا مصدقاً به. فقتله على أنه كافر مباح الدم، فلم تلزمه الدية، إذ كان في الأصل مأموراً بقتاله، والخطأ عن المجتهد موضوع. ويحتمل أن يكون قد تأول فيه قول الله: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: ٨٥] وقوله في قصة فرعون: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٩١] , فلم يخلّصهم إظهار الإيمان عند الضرورة، والإرهاق من نزول العقوبة بساحتهم ووقوع بأسه بهم.