للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالَ أبو داودَ: سمعتُ أحمد بن حَنبلٍ يُسأل عن اسم أبي نُوحٍ، فقال: إيش تصنعُوا باسمِه؟ اسمُه اسمٌ شَنيعٌ.


= قلنا: الذي في "جامع الترمذي"، من حديث عمر الطويل في غزوة بدر قصةُ دعائه -صلَّى الله عليه وسلم- (٣٣٣٤) وهناك صححه.
قال الخطابي: في هذه الأحاديث الثلاثة: حديث جبير بن مطعم، وحديث ابن عباس وحديث عبد الله بن مسعود دليل على أن الإمام مُخيَّر في الأسارى البالغين: إن شاء مَنَّ عليهم وأطلقهم من غير فداء، وإن شاء فاداهم بمالٍ معلوم، وإن شاء قتلهم، أي ذلك كان أصلح، ومن أمر الدين وإعزاز الإسلام أوقع.
وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد، وهو قول الأوزاعي وسفيان الثوري.
وقال أصحاب الرأي: إن شاء قتلهم، وإن شاء فاداهم، وإن شاء استرقَّهم. ولا يمُنُّ عليهم فيطلقهم بغير عوض، فيكون فيه تقوية للكفار وزيادة في عددهم.
وزعم بعضهم أن المنّ كان خاصاً للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- دون غيره.
قلت (القائل الخطابي): التخصيص في أحكام الشريعة لا يكون إلا بدليل، والنبي -صلَّى الله عليه وسلم- إذا حكم بحكم في زمانه كان ذلك سنة وشريعة في سائر الأزمان، وقد قال سبحانه: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] وهذا خطاب لجماعة الأمة كلهم، ليس فيه تخصيص للنبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وإنما كان فعله امتثالاً للآية.
وأما الذي اعتلوا به في تقوية الكفر: فإن الإمام إذا رأى أن يعطي كافراً عطية يستميله بها إلى الإسلام كان ذلك جائزاً، وإن كان في ذلك تقوية لهم، فكذلك هذا.
وقد أعطى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- رجلاً من الكفار غنماً بين جبلين. حدثناه ابن الأعرابي، حدَّثنا عبد الرحمن بن منصور الحارثي، حدَّثنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد العذري، عن مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: جاء رجل من العرب إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فسأله شيئاً بين جبلين، فكتب له بها، فأسلم، ثم أتى قومه فقال لهم: "أسلموا فقد جئتكم من عند رجل يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة". وفي أخذه في الفداء المال دليلٌ على فسادِ قول من يقول: إنه يفادى بالرجال ولا يفادى بالمال، ويُحكى نحو هذا القول عن مالك بن أنس.
وانظر "المغني" ١٣/ ٤٤ - ٤٧ لابن قدامة المقدسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>