للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ونقل الحافظ في "الفتح" ١٢/ ١٣١ في حل هذا التعارض عن ابن العربي قوله: لم يثبت أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على ماعز، قال: وأجاب من منع عن صلاته على الغامدية لكونها عرفت الحكم وماعزٌ إنما جاء مُستفهماً، قال: وهو جواب واهٍ، وقيل: لأنه قتله غضباً لله وصلاته رحمة فتنافيا، قال: وهذا فاسد لأن الغضب انتهى. قال: ومحل الرحمة باقٍ، والجواب المُرضي أن الإِمام حيث ترك الصلاة على المحدود كان ردعاً لغيره. قلتُ [القائل ابن حجر]: وتمامه أن يُقال: وحيث صلَّى عليه يكون هناك قرينة لا يحتاج معها إلى الردع، فيختلف حينئذٍ باختلاف الأشخاص.
وذهب الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" ١/ ٣٧٩ إلى أن عدم صلاته - صلَّى الله عليه وسلم - على ماعز إنما كان لأن ماعزاً لما هرب من الرجم يحتمل أن يكون ذلك الهرب كان منه لرجوع كان عما أقر به أو فراراً من إقامة العقوبة التي قد لزمته عليه، وكان مذموماً في كل واحدة من هاتين الحالتين، فترك النبي -صلَّى الله عليه وسلم- الصلاة عليه لذلك، لأن من سنته أن لا يصلي على المذمومين من أمته كما لم يصلّ على قاتل نفسه، وإن كان مسلماً، وكما لم يصلّ على الغالِّ من الغزاة معه بخيبر.
قال الحافظ في "الفتح" ١٢/ ١٣١: وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فقال مالك: يأمر الإمام بالرجم ولا يتولاه بنفسه، ولا يرفع عنه حتى يموت، ويُخلى بينه وبين أهله يغسلونه ويصلون عليه، ولا يصلي عليه الإمام ردعاً لأهل المعاصي إذا علموا أنه ممن لا يُصلَّى عليه، ولئلا يجترئ الناس على مثل فعله، وعن بعض المالكية: يجوز للإمام أن يصلي عليه، وبه قال الجمهور، والمعروف عن مالك أنه يكره للإمام وأهل الفضل الصلاة على المرجوم، وهو قول أحمد، وعن الشافعي: لا يُكره، وهو قول الجمهور، وعن الزهري: لا يُصلَّى على المرجوم ولا على قاتل
نفسه، وعن قتادة: لا يُصلَّى على المولود من الزنى، وأطلق عياض فقال: لم يختلف العلماء في الصلاة على أهل الفسق والمعاصي والمقتولين في الحدود، وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة في المحاربين وما ذهب إليه الحسن في الميتة من نفاس الزنى وما ذهب إليه الزهري وقتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>