وهو في "موطأ مالك" ١/ ٢٢٦ - ٢٢٧. وأخرجه البخاري (١٢٤٥)، ومسلم (٩٥١)، وابن ماجه (١٥٣٤)، والترمذي (١٥٤٣)، والنسائي (١٩٧١) و (١٩٧٢) و (١٩٨٠) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وقرن النسائي في الموضع الثاني بسعيد بن المسيب أبا سلمة بن عبد الرحمن. وهو في "مسند أحمد" (٧١٤٧)، و"صحيح ابن حبان" (٣٠٦٨) و (٣٠٩٨). قال الخطابي: النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وصدّقه على نبوته إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلُّوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن يفعل ذلك إذ هو نبيُّه ووليُّه وأحق الناس به، فهذا -والله أعلم- هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظهر الغيب، فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد آخر غائباً عنه، فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كانت السُّنَّة أن يُصلَّى عليه، ولا يترك ذلك لبعد المسافة، فإذا صلَّوا عليه استقبلوا القبلة، ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان إلى غير جهة القبلة. وقد ذهب قوم إلى كراهية الصلاة على الميت الغائب، وزعموا أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان مخصوصاً بهذا الفعل، إذ كان في حكم المشاهد للنجاشي، لما روي في بعض الأخبار أنه قد سوّيت له أعلام الأرض حتى كان يبصر مكانه، وهذا تأويل فاسد، لأن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا فعل شيئاً من أفعال الشريعة كان علينا متابعته والاتساء به، والتخصيص لا يُعلم إلا بدليل، ومما يبين ذلك: أنه -صلَّى الله عليه وسلم- خرج بالناس إلى المصلى فصف بهم فصلَّوا معه، فعلمت أن هذا التأويل فاسد، والله أعلم.