وله شاهد من حديث بريدة الأسلمي بسند قوي عند أحمد (٢٢٩٨٩)، والترمذي (٤٠٢٢)، وابن حبان (٦٨٩٢)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. قال البيهقي: يشبه أن يكون -صلَّى الله عليه وسلم- إنما أذن لها في الضرب لأنه أمر مباح، وفيه إظهار الفرح بظهور رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ورجوعه سالماً لا أنه يجب بالنذر. وتعقبه الحافظ في "الفتح" ١١/ ٥٨٨ فقال: إن من قسم المباح ما قد يصير بالقصد مندوباً كالنوم في القائلة للتقوي على قيام الليل، وأكلة السحور للتقوي على صيام النهار، فيمكن أن يُقال: إن إظهار الفرح بعود النبىٍ -صلَّى الله عليه وسلم- سالماً معنى مقصود يحصل به الثواب. وقد اختلف في جواز الضرب بالدف على غير النكاح والختان، ورجح الرافعي في "المحرر" وتبعه في "المنهاج" الإباحة والحديث حجة في ذلك. وقال الإِمام الخطابي: ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يتعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح لسلامة مقدم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين قدم من بعض غزواته، وكانت فيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين، صار فعله كبعض القرب، ولهذا استُحب ضرب الدف في النكاح لما فيه من إظهاره والخروج به عن معنى السفاح الذي لا يظهر، ومما يشبه هذا المعنى قول النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في هجاء الكفار: "اهجوا قريشاً، فإنه أشد عليهم من رشْق النبل". تنبيه: هذا الحديث جاء في أصولنا الخطية متاخراً إلى آخر الباب.