وقوله: "الحلالُ بينٌ والحرام بين" أصل كبير في كثير من الأمور والأحكام إذا وقعت فيها الشبهة، أو عرض فيها الشك، ومهما كان ذلك، فإن الواجبَ أن ينظرَ، فإذا كان للشيء أصل في التحريم والتحليل، فإنه يتمسك به ولا يفارقه باعتراض الشك حتى يزيلَه عنه يقينُ العلم فالمثال في الحلال الزوجة تكون للرجل والجارية تكون عنده يتسرى بها ويطؤها، فيشك هل طلق تلك، أو أعتق هذه، فهما عنده على أصل التحليل حتى يتحقق وقوع طلاق أو عتق، وكذلك الماء يكون عنده وأصله الطهارة، فيشك: هل وقعت فيه نجاسة أم لا؟ فهو على أصل الطهارة حتى يتيقن أن قد حلته نجاسة وكالرجل يتطهر للصلاة ثم لك في الحدث، فإنه يصلي ما لم يعلم الحدث يقيناً وعلى هذا المثال. وأما الشيء إذا كان أصلُه الحظر وإنما يستباح على شرائط وعلى هيئات معلومة كالفروج لا تحل إلا بعدَ نكاح أو ملك يمين، وكالشاة لا يحِلُّ لحمها إلا بذكاة، فإنه مهما شك في وجود تلك الشرائط وحصولها يقيناً على الصفة التي جعلت علماً للتحليل كان باقياً على أصل الحظر والتحريم، وعلى هذا المثال فلو اختلطت امرأته بنساء أجنبيات أو اختلطت مذكاة بميتات ولم يميزها بعينها، وحب عليه أن يجتنبها كلها ولا يقربها، وهذان القسمان حكمهما الوجوب واللزوم. =