للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قلنا: فالنهي متجه إلى أمرين: الأول: تجثيم الدابة، والثاني: أكلُها، وقد جاء التصريح بالنهي عن أكلها من حديث أبي الدرداء عند الترمذي (١٥٤١) ولفظه: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أكل المجثمة وهي التي تصبر بالنبل. ومن حديث ابن عباس عند الحاكم ٢/ ٣٤، وعنه البيهقي ٩/ ٣٣٤ قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن لبن الجلالة، وعن أكل المجثمة، وعن الشرب مِن في السِّقاء.
وأما الشرب مِن في السقاء: فإنما يكره ذلك من أجل ما يُخاف من أذى عساه يكون فيه لا يراه الشارب حتى يدخل جوفه، فاستحب أن يشرب في إناء ظاهر يبصره.
وقال المناوي في "فيض القدير" ٦/ ٣١٦: نهى عن الشرب من في السقاء، أي: فم القِربة، لأن انصباب الماء دفعة واحدة في المعدة ضارٌّ جداً، وقد يكون ما لا يراه الشارب فيدخل جوفه فيؤذيه، ولأنه قد يُنتِنُه بتردد أنفاسه فيُعاف، ولأن الشرب كذلك يملأ الجوف من الهواء فيضيق عن أخذ حظه من الماء ويزاحمه أو يؤذيه.
ثم قال: ثم إن ما تقرر لا ينافيه ما في "الشمائل" أن المصطفى -صلَّى الله عليه وسلم- قام إلى قربة معلقة فشرب من فمها فقطعت ميمونة أو أم سليم موضع فمه فاتخذته عندها تبركاً، لأن المصطفى -صلَّى الله عليه وسلم- ليس كغيره تبركاً وطهارة وعطرية وأمناً من الغوائل والحوادث.
ونحو ذلك ما قاله ابن العربي في "عارضة الأحوذي" ٨/ ٨٢ حيث قال: النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعطر من المسك فلا يدخل في النهي.
والحديث الذي أورداه بشرب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من في القربة أخرجه ابن ماجه (٣٤٢٣) والترمذي (٢٠٠١) وإسناده صحيح.
قلنا: وأما النهي عن ركوب الجلالة، فقد قال المناوي في "فيض القدير" ٦/ ٣١٣: وأخذ بظاهره جمع من السلف، فمنعوا ركوبها، قال عمر لرجل له إبل جلالة: لا تحج عليها ولا تعتمر، وقال ابنه: لا أصاحب أحداً ركبها وحمل ذلك في "المطامح" على التغليظ، قال: وليس في ركوبها معنى يوجب التحريم. قال المناوي: ومن زعم أن ذلك لنجاسة عرقها فيجسه فقد وهم إذ الرواية مقيدة في الصحيح بالأبل وعرقها طاهر.
قلنا: الجلالة: قال ابن الأثير في "النهاية": الجلالة من الحيوان: التي تأكل العَذِرة.
والجَلَّة: البعر، فوضع موضع العَذِرة، يقال: جلَّت الدابة الجَلَّة، فهي جالّة وجلالة: إذا التقطتْها.

<<  <  ج: ص:  >  >>