وقد قيل: إن حمنة هي نفسها أم حبيبة، وهو قولُ الحافظ المزي في "تهذيب الكمال"، وتابعه عليه الحافظ ابن حجر في "التقريب"، والصواب التفريقُ بينهما، فقد ترجم الحافظ في "الإصابة" ٧/ ٥٨٦ أم حبيبة، وذكر أنها كانت زوجَ مصعب بنِ عُمير، ثمَّ لما قُتِلَ يومَ أحد تزوجها طلحةُ بن عبيد الله، وترجم أم حبيبة بنت جحش فيه ٨/ ١٨٨، وذكر أنها كانت زوجَ عبد الرحمن بن عوف. قلنا: وقد سلف حديث عائشة برقم (٢٨٨)، وفيه التصريح بأن المستحاضة هي أم حبيبة، وفيه وصفها بأنها زوجُ عبد الرحمن بن عوف، فهو المعتمد، ولذا قال الواقدي: يغلط بعضهم فيظن أن المستحاضة حمنة بنت جحش، ويظنُّ أن كنيتها أم حبيبة. وتعقبه المزي فذكر الروايات التي فيها تسمية المستحاضة حمنة بنت جحش، وقال: لا وجه لرد الروايات الصحيحة لقول الواقدي وحده. فتعقبه الحافظ في "تهذيب التهذيب" بأن رواية الزُّهريّ المذكورة ترجح ما ذهب إليه الواقدي، قال: وقد رجحه إبراهيمُ الحربي وزيّف غيره واعتمده الدارقطني. قلنا: وهو قولُ ابن معين أيضاً، فقد روى البيهقي ١/ ٣٣٩ بإسناده إليه قال: إن المستحاضة هي أمّ حبيبة بنت جحش وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف وليست حمنة. أما الروايات التي ذكرها المزي وفيها تسمية المستحاضة حمنة فهي ثلاث روايات: رواية عبد الله بن عقيل، عن إبراهيم بن محمَّد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش. ورواية عاصم، عن عكرمة. ورواية عنبسة بن خالد، عن يونس، عن الزُّهريّ، عن عمرة، عن أم حبيبة وهي حمنة. قلنا: رواية ابن عقيل سلفت برقم (٢٨٧)، وإسنادها ضعيف. ورواية عاصم هي هذه وقد علمت ما فيها، ورواية الزُّهريّ فيها عنبسة بن خالد وهو ضعيف، وقد سلفت روايته برقم (٢٨٩) دون قوله: "وهي حمنة".