وأخرجه البخاري (٤٣٤٤) و (٤٣٤٥) من طريق شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: بعث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جدهُ أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن ... الحديث. وقد سلف مختصراً برقم (٣٥٧٩). وانظر تمام تخريجه هناك. وانظر ما سلف برقم (٢٩٣٠). وانظر الروايات الثلاث الآتية بعده. قال الخطابي: الظاهر من هذا الخبر أنه رأى قتله من غير استتابة، وذهب إلى هذا الرأي عبيد بن عمير وطاووس. [قلنا: وهذا مذهب أهل الظاهر فيما نقله الصنعاني في "سبل السلام" ١/ ١٨٤]. وقد روي ذلك أيضاً عن الحسن البصري، وروي عن عطاء أنه قال: إن كان أصله مسلما فارتد، فإنه لا يُستتاب، وإن كان مشركاً فأسلم ثم ارتد فإنه يستتاب. وقال أكثر أهل العلم: لا يُقتل حتى يستتاب إلا أنهم اختلفوا في مدة الاستتابة، فقال بعضهم يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل. روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق، وقال مالك بن أنس: أرى الثلاثة حسناً وإنه ليعجبني. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يستتاب ثلاث مرات في ثلاثة أيام. وقال الشافعي في أحد قوليه: يستتاب فإن تاب وإلا قتل مكانه، قال: وهذا أقيس في النظر. وعن الزهري: يستتاب ثلاث مرات، فإن تاب وإلا ضربت عنقُه. قلت [القائل الخطابي]: وروى أبو داود هذه القصة من طريق الحماني، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي موسى، فقال فيها: وكان قد استتيب قبل ذلك، فرواها من طريق المسعودي، عن القاسم قال: فلم يترك حتى ضربت عنقه، وما استتابه. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (٣٢١٦١): ولا أعلم بين الصحابة خلافاً في استتابة المرتد، فكأنهم فهموا من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه " أي: بعد أن يستتاب، والله أعلم، إلا حديث معاذ مع أبي موسى، فإن ظاهره القتل دون استتابة، وقد قيل: إن ذلك المرتد قد كان استتيب. قلنا: وقد حكى إجماع الصحابة أيضاً ابن تيمية في "الصارم المسلول" ص ٣٣٠ - ٣٣٢. =