للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٤١٦ - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية ومحمدُ بنُ الصَّبَّاح بنِ سفيانَ، قالا: حدَّثنا هُشَيْمٌ، عن منصورٍ


= واختلف العلماء في تنزيل هذا الكلام ووجه ترتيبه على الآية: وهل هو ناسخ للآية: أو مبيِّن لها، فذهب بعضهم إلى النسخ، وهذا على قول من يرى نسخ الكتاب بالسنة. وقال آخرون: بل هو مبين للحكم الموعود بيانه في الآية فكأنه قال: عقوبتهن الحبس إلى أن يجعل الله لهن سبيلاً، فوقع الأمر بحبسهن إلى غاية، فلما انتهت مدة الحبس، وحان وقت مجيء السبيل، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: خذوا عني تفسير السبيل وبيانه ولم يكن ذلك ابتداء حكم منه، وإنما هو بيان أمر كان ذكر السبيل منطوياً عليه، فأبان المبهم منه، وفصل المجمل من لفظه، فكان نسخ الكتاب بالكتاب لا بالسنة، وهذا أصوب القولين.
وفي قولة: "جلد مئة ورمي بالحجارة" حجة لقول من رأى الجمع بين الحد والرجم على الثيب المحصن إذا زنى.
وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله أنه قد استعمل ذلك في بعض الزناة، وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-.
وإلى هذا ذهب الحسن البصري، وبه قال إسحاق بن راهويه وهو قول داود وأهل الظاهر.
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجم ولم يجلد. وإليه ذهب عامة الفقهاء، ورأوا أن الجلد منسوخ بالرجم، وقد رجم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ماعزاً ولم يجلده. ورجم اليهوديين ولم يجلدهما.
واحتج الشافعي في ذلك بحديث أبي هريرة في الرجل الذي استفتى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ابنه الذي زنى بامرأة الرجل، فقال له: على ابنك جلد مئة وتغريب عام، وعلى المرأة الرجم. واغدُ يا أنيس على المرأة، فإن اعترفت فارجمها. فغدا عليها فاعترفت فرجمها.
قال: فهذا الحديث آخر الأمرين؛ لأن أبا هريرة قد رواه، وهو متأخر الإِسلام.
ولم يعرض للجلد بذكر. وإنما هو الرجم فقط. وكان فعله ناسخاً لقوله الأول.
قلنا: ونسب الترمذي في "سننه" بإثر الحديث (١٤٩٩) القول بالجمع بين الجلد والرجم إلى أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعُود أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>