وهو في "مسند أحمد" (١٧٠٣٨)، و "صحيح ابن حبان" (٤٤٣٧). قال الخطابي: قوله: "والله لأقضين بينكما بكتاب الله" يُتأول على وجوه: أحدها: أن يكون معنى الكتاب الفرض والإيجاب، يقول: لأقضين بينكما بما فرضه الله وأوجبه، إذ ليس في كتاب الله ذكر الرجم منصوصاً متلُوَّاً كذكر الجلد والقطع والقتل في الحدود والقصاص. وقد جاء في الكتاب بمعنى الفرض، كقوله عز وجل: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}: وكقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة:١٧٨]، أي: فرض، وقال عز وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة:٤٥]، أي: فرضنا وأوجبنا. ووجه آخر: وهو أن ذكر الرجم وإن لم يكن منصوصاً عليه باسمه الخاص، فإنه مذكور في الكتاب على سبيل الإجمال والإبهام، ولفظ التلاوة منطوٍ عليه، وهو قوله: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء:١٦]، والأذى يتسع في معناه للرجم ولغيره من العقوبة. وقد قيل: إن هذه الآية لما نسخت سقط الاستدلال بها وبمعناها. وفيه وجه آخر: وهو أن الأصل في ذلك قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء:١٥] فضمن الكتاب أن يكون لهن سبيلاً فيما بعد، ثم جاء بيانه في السنة، وهو قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مئة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مئة والرجم". ووجه رابع: وهو ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قرأناها فيما أنزل الله: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. وهو ما رفعت تلاوته وبقي حكمه، والله أعلم. وفي الحديث من الفقه: أن الرجم إنما يجب على المحصَن دون من لم يُحصن. وفيه دليل على أن للحاكم أن يبدأ باستماع كلام أي الخصمين شاء. وفيه أن البيع الفاسد والصلح الفاسد وما جرى مجراهما من العقود منتقض وأن ما أُخذ عليها مردود إلى صاحبه. =