وقال الخطابي: يشبه أن تكون مراجعة سعْد للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- طمعاً في الرخصة لا ردّاً لقوله -صلَّى الله عليه وسلم-، فلما أبى ذلك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وأنكر عليه قوله، سكت سعد وانقاد. وقد اختلف الناس في هذه المسألة: فكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول: إن لم يأت بأربعة شهداء أعطي برُمَّته أي: أقيد به (قلنا: ونقله الحافظ في "الفتح" ١٢/ ١٧٤ عن الجمهور). وقال الشافعي: وبهذا نأخذ ولا نعلم لعلي مخالفاً في ذلك. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أهدر دمه ولم ير فيه قصاصاً. [قال ابن المنذر: جاءت الأخبار عن عمر في ذلك مختلفة، وعامة أسانيدها منقطعة]. قلت [القائل الخطابي]: ويُشبه أن يكون إنما رأى دمه مباحاً فيما بينه وبين الله عز وجل إذا تحقق الزنى منه فعلاً، وكان الزاني محصناً. وذكر الشافعي حديث علي رضي الله عنه، ثم قال: وبهذا نأخذ، غير أنه قال: ويسعُه فيما بينه وبين الله عَزَّ وَجَلَّ قتل الرجل وامرأته -إذا كانا ثيّبين، وعلم أنه قد نال منها ما يوجب الغسل- ولا يسقط عنه القود في الحكم. وكذلك قال أبو ثور. وقال أحمد بن حنبل: إن جاء ببينة أنه قد وجده مع امرأته في بيته، فقتله، يُهدر دمه، وكذلك قال إسحاق. (١) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" ٢/ ٧٣٧ و٨٢٣، ومن طريقه أخرجه مسلم (١٤٩٨)، والنسائي في "الكبرى" (٧٢٩٣). وهو في "مسند أحمد" (١٠٠٠٧)، و"صحيح ابن حبان" (٤٢٨٢) و (٤٤٠٩). وانظر ما قبله.