وكذلك الأمر في الأسنان كان يجعل فيما أقبل من الأسنان خمسة أبعرة، وفي الأضراس بعيراً بعيراً. قال ابن المسيب: فلما كان معاوية وقعت أضراسه، فقال: أنا أعلم بالأضراس من عمر فجعلهن سواء. قال ابن المسيب: فلو أصيب الفَمُ كلها في قضاه عمر رضي الله عنه لنقصت الدية، ولو أصيبت في قضاء معاوية لزادت الدية، ولو كنت أنا لجعلتها في الأضراس بعيرين بعيرين. واتفق عامة أهل العلم على ترك التفضيل وأن كل سِنّ خمسة أبعرة، وفي كل إصبع عشراً من الإبل خناصرها وإبهامها سواء، وأصابع اليد والرجل في ذلك سواء، كما جعل في الجسد دية كاملة: الصغير الطفل والكلبير المسن، والقري العَبْل، والضعيف النِّضو في ذلك سواء. ولو أُخذ على الناس أن يعتبروها بالجمال والمنفعة لاختلف الأمر في ذلك اختلافاً لا يُضبط ولا يُحصر، فحمل على الأسامي، وتُرك ما وراه ذلك من الزيادة والنقصان في المعاني. ولا أعلم خلافاً بين الفقهاء أن من قطع يد رجل من الكوع فإنه عليه نصف الدية، إلا أن أبا عبيد بن حرب زعم أن نصف الدية إنما تستحق في قطعها من المنكب؛ لأن اسم اليد على الشمول، والاستيفاء إنما يقع على ما بين المناكب إلى أطراف الأنامل.