وقال مالك: ست مئة درهم. وقصد كل واحد من الفريقين نصف عشر الدية؛ لأن الدية عند العراقي: عشرة آلاف درهم، وعند المدني: اثنا عشر ألفاً. وقيل: خمسون ديناراً، وهي أيضاً نصف العشر من دية الحر. لأنهم لم يخلفوا أن الدية من الذهب ألف دينار. وقد استدل بعض الفقهاء من قوله: "قضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في جنينها بغرّة على أن دية الأجنة سواء: ذكراناً أو إناثاً" لأنه أرسل الكلام ولم يقَيّده بصفة. قال: ولو كانت يختلف الأمر في ذلك بالأنوثة والذكورة لبيّنه كما بين الدية في الذكر والأنثى من الأحرار البالغين. قلت [القائل الخطابي]: وهذه القضية صادقة في الحكم. إلا أن الاستدلال بهذا اللفظ من هذا الحديث لا يصح؛ لأنه حكاية فعل، ولا عُموم لحكاية الفعل. وإنما يصح هذا الاستدلال من رواية من روى: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قضى في الجنين بغرة. من غير تفصيل. والله أعلم. ومذهب الشافعي في دية الجنين قريب من مذهب من تقدّم ذكرهم إلا أنه قوّمها من الإبل فقال: خمس من الإبل، خمساها وهو بعيران، قيمة خَلِفَتين، وثلاثة أخماسها قيمة ثلاث جذاع وحقاق. وذلك: لأن دية شبه العمد عنده مغلّظة، منها أربعون خَلِفَةً وثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، فإن أعطى الغرة دون القيمة لم يقبل حتى يكون ابن سبع سنين، أو ثمان. ويقبل عند أبي حنيفة الطفل، وما دون السبع، كالرقبة المستحقة في الكفارات. (١) إسناده صحيح. ابن المسيّب: هو سيد، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري، والليث: هو ابن سعد. =