قال الخطابي: قوله: "إني أرى الليلة" أخبرني أبو عمر، عن أبي العباس قال: يقول: ما بينك من لدن الصباح وبين الظهر رأيت الليلة، وبعد الظهر إلى الليل رأيت البارحة. والظلة: كل ما أظلَّك من فوقك وعلاك، وأراد بالظلة ها هنا -والله أعلم- سحابة. ينطف منها السمن والعسل، أي: يقطر، والنطف: القطر. وقوله: "يتكففون بأيديهم" يريد: أنهم يتلقونه بأكفهم، يقال: تكفف الرجل الشيء واستكفه: إذا مد كفَّه وتناوله بها، والسبب: الحبل، والواصل: معناه الموصول، فاعل بمعنى مفعول. وقد اختلف الناس في معنى قوله: "أصبت بعضاً، وأخطات بعضاً" فقال بعضهم: أراد به الإصابة في عبارة بعض الرؤيا والخطأ في بعض. وقال آخرون: بل أراد بالخطأ هاهنا: تقديمه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومسألته، والإذن له في تعبير الرؤيا، ولم يترك رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - ليكون هو الذي يعبرُها، فهذا موضع الخطأ. وأما الاصابة فهي ما تأوله في عبارة الرؤيا وخروج الأمر في ذلك على وفاق ما قاله وعبره. وقد بلغني عن أبي جعفر الطحاوي رواية عن بعض السلف أنه قال: موضع الخطا في عبارة أبي بكر رضي الله عنه أنه مخطئ في أحد المذكورَين من السمن والعسل، فقال: وأما ما ينطف من السمن والعسل، فهو القرآن، لينه وحلاوته، وإنما أحدهما القرآن والأخر السنة، والله أعلم. (١) إسناده صحيح. وهو مكرر ما سلف برقم (٣٢٦٩).