أبو أحمد: هو محمَّد بن عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (٣١٢٨) من طريق أبي شهاب، و (٣١٢٩) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن سفيان الثوري، عن الحجاج بن فرافصة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وأخرجه الطحاوي (٣١٢٧) من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن الحجاج، عن يحيى بن أبي كثير أو غيره -على الشك-، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وأخرجه الترمذي (٢٠٧٩) عن محمَّد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن شر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (٩١١٨) من طريق الحجاج بن فرافصة، عن رجل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال الإِمام الطحاوي في شرح هذا الحديث: فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به ما هو إن شاء الله، فوجدنا الغِرَّ في كلام العرب: هذا الذي لا غائلة معه ولا باطن له يُخالف ظاهره، ومن كانت هذه سبيله، أمِنَ المسلمون من لسانه ويده، وهي صفةُ المؤمنين، ووجدنا الفاجر ظاهِرُه خلاف باطنه؛ لأن باطنَه هو ما يُكرَه، وظاهرُه، فمخالف لذلك، كالمنافق الذي يُظهر شيئاً غير مكروه منه، وهو الإسلام الذي يَحمَدُه أهلُه عليه، ويُبطنُ خلافه وهو الكُفرُ الذي يَذُمه المسلمون عليه، فكان مَثَلُ ذلك الخِبُّ الذي يُظهر المعنى الذي هو محمودٌ منه، حتى يحمَدَه المسلمون على ذلك، ويُبطِنُ ضِدَّه مما يذُمُّه المسلمون عليه، وهو الفاجر الذي وَصَفَه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بما وصفه به في هذا الحديث، وخالف بينه وبين المؤمن الذي وصفه بما وصفه به في هذا الحديث والله عَزَّ وَجَلَّ نسألُه التوفيق. وقال الخطابي: معنى هذا الكلام أن المؤمن المحمود هو من كان طبعُه وشيمته الغرارة، وقلة الفطنة للشر، وترك البحث عنه، وأن ذلك ليس منه جهلاً، لكنه كرم وحسن خلق، وأن الفاجر من كانت عادته الخبَّ والدهاء والوغول في معرفة الشر، وليس ذلك منه عقلاً، لكنه خب ولؤم.