للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩١١ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عطاء ابن يزيدَ الليثىِّ

عن أبي أيوبَ الأنصارىِّ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاثةِ أيام، يلتقيانِ، فيُعرِضُ هذا ويُعرِضُ هذا، وخَيرُهما الذي يَبدَأ بالسلام" (١).


= وقوله: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال"، قال ابن الأثير في "النهاية": يريد به الهجر ضدَّ الوصل، يعني فيما يكون بين المسلمين من عَتْبٍ ومَوْجِدَة أو تقصير يقع في حقوق العِشرة والصُّحبة دون ما كان من ذلك في جانب الدين، فإن هِجرة أهل الأهواءِ والبدع دائمة على مر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبةُ والرجوع إلى الحق، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما خاف على كعب بن مالك وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن غزوة تبوك، أمر بهجرانهم خمسين يوماً، وقد هجر نساءَه شهراً.
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" ٢٦/ ١٤٩: والذي عندي: أن من خشيَ من مجالستِه ومكالمته الضَّرَرُ في الدين أو في الدنيا، والزيادة في العداوة والبغضاء، فهجرانُه والبُعدُ عنه خيرٌ من قُرْبِهِ؛ لأنه يحفظُ عليك زلّاتِكَ، ويُمارِيكَ في صوابِك، ولا تَسلَمُ من سوء عاقِبةِ خُلْطتهِ، ورُبَّ صَرْمٍ جَميل خيرٌ من مُخالطة مُؤذية.
وقال الخطابي: وأما الهجران أكثر من ذلك، فإنما جاء ذلك في هجران الرجل أخاه في عَتْبٍ، وموجدة، أو لنبوة تكون منه، فرخص له في مدة ثلاث لقلتها، وجعل ما وراءها تحت الحظر.
فأما هجران الوالد الولد والزوج الزوجة، ومن كان في معناهما، فلا يضيق أكثر
من ثلاث، وقد هجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً.
(١) إسناده صحيح.
وهو في "الموطأ" ٢/ ٩٠٦ - ٩٠٧، ومن طريقه أخرجه البخاري (٦٠٧٧)، ومسلم (٢٥٦٠).
وأخرجه البخاري (٦٢٣٧)، ومسلم (٢٥٦٠)، والترمذي (٢٠٤٥) من طرق عن الزهري، به.
وهو في "مسند أحمد" (٢٣٥٢٨)، و"صحيح ابن حبان" (٥٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>