وفي "النهاية" لابن الأثير (عتم): قال الأزهري: أرباب النعم في البادية يُريحون الإبل، ثم يُنيخونها في مُراحها حتى يُعْتِموا، أي: يدخلوا في عمة الليل، وهي ظلمته. وكانت الأعراب يسمون صلاةَ العشاء صلاةَ العَتَمة تسميةً بالوقت، فنهاهم عن الاقتداه بهم، واستحب لهم التمسُّك بالاسم الناطق به لسان الشريعة. ونقل ابن حجر في "الفتح" ٢/ ٤٥ عن القرطبي عن غيره: إنما نُهي عن ذلك تنزيهاً لهذه العبادة الشرعية الدينية عن أن يُطلَق عليها ما هو اسمٌ لفعلةٍ دنيوية، وهي الحلبة التي كانوا يَحْلُبونها في ذلك الوقت، ويُسمونها العتمة. وقال السندي في "حاشيته على المسند"، قوله: "لا تغلبنكم الأعراب ... " إلخ، أي: الاسمُ الذي ذكره الله تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسمُ العشاء، والأعراب يسمونها العَتَمة، فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم لما فيه غلبة الأعراب عليكم بالأكثر، واستعمالُ اسم العشاء مواففَةٌ للقرآن، فالمرادُ النهيُ عن إكثار اسم العَتَمَة لا عن استعماله، وإلا فقد جاء في الأحاديث إطلاقُ هذا الاسم أيضاً، ثم ذكر سببَ إطلاقِ الأعراب اسم العتمة بقوله: وإنهم -أي الأعرإب- يُعتمون -من أعْتَم: إذا دخل في العَتَمة، وهي الظُّلْمة-، أي: يؤخرون الصلاة، ويَدْخُلُون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحَلبِها، والله تعالى أعلم. (١) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري، لكن اختلف على سالم بن أبي الجعد في إسناده، فمرة يرويه عن رجل من أسلم عن النبي-صلى الله عليه وسلم- كما عند أحمد في "مسنده" (٢٣٠٨٨) -وجاء في رواية المصنف هنا أن الرجل من خزاعة-، وتارة يرويه عن عبد الله بن محمَّد ابن الحنفية، عن صهر له أنصاري =