رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -قَدِمَ المدينة فصلَّى -يعني نحوَ بيتِ المَقدِس- ثلاثة عشر شهراً، فأنزلَ الله هذه الآية:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤] فوجَّهَه اللهُ عزَّ وجل إلى الكعبة. وتمَّ حديثُه. وسمّى نصر صاحبَ الرُؤيا قال: فجاء عبدُ الله بنُ زيد رجل من الأنصار، وقال فيه: فاستقبَلَ القِبلةَ، قال: الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمَّداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمَّداً رسولُ الله، حي على الصلاة -مرّتين-، حيَّ على الفلاح -مرّتين-، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله. ثمَّ أمهَلَ هُنيّةً، ثمَّ قام فقال مِثلَها، إلا أنه قال: زادَ بعدما قال: حيَّ على الفلاح: قد قامتِ الصلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقِّنْها بلالاً" فأذّن بها بلال.
وقال في الصوم: قال: فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصومُ ثلاثةَ أيَّامٍ من كل شهرٍ، ويصومُ يومَ عاشوراء، فأنزلَ الله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[البقرة:١٨٣ - ١٨٤]، فكان مَن شاء أن يصومَ صام، ومن شاء أن يُفطَر ويُطعِمَ كل يوم مسكيناً أجزأه ذلك، فهذا حَوْلٌ، فأنزل الله:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٥] فثبتَ الصيامُ على مَن شَهِدَ الشهرَ، وعلى المُسافِرِ أن يقضيَ، وثبت الطعامُ للشيخ