للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا ما دعا الإمام الحافظ زكريا الساجي -وهو من أصحاب الإمامِ أبي داود- لأن يقول: كتاب الله أصلُ الإسلام، وكتابُ أبي داود عهدُ الإسلام (١).

وقال الإمام الخطابي: كتابُ "السنن" لأبي داود كتابٌ شريفٌ، لم يُصنف في علم الدين كتابٌ مثله، وقد رُزِقَ القبول مِنَ الناس كافّة، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فلكل فيه وِرْدٌ، ومنه شِرْبٌ، وعليه مُعوَّل أهلِ العراق وأهلِ مصر وبلاد المغرب، وكثيرٌ من مدن أقطارِ الأرض. فأما أهلُ خراسان فقد أُولِعَ أكثرهم بكتابي محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج ومن نحا نحوهما في جمع الصحيح على شرطهما في السبك والانتقاد، إلا أن كتاب أبي داود أحسنُ رصفاً وأكثرُ فقهاً (٢).

وقال الإمامُ الخطابي أيضاً: سمعتُ ابن الأعرابي- وهو صاحبُ الإمام أبي داود- يقول ونحن نسمع منه هذا الكتاب، فأشار إلى النسخة وهي بين يديه: لو أن رجلاً لم يكن عنده من العلم إلا المصحفُ الذي فيه كتابُ الله، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شيءٍ من العلم بتَّة (٣).

قال الخطابي معلقاً على قول ابن الأعرابي: وهذا كما قال، لا شكَّ فيه ... وقد جمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم،


(١) ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٧/ ورقة ٥٤٧.
(٢) مقدمة على شرحه "المعالم" ١/ ٦.
(٣) المرجع السابق ١/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>