قال ابن عبد البر في "التمهيد" ١٩/ ٢٥٤: اختلف الفقهاء في النهوض من السجود إلى القيام، فقال مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه: ينهض على صدور قدميه ولا يجلس، وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس، وقال النعمان ابن أبي عياش: أدركتُ غير واحد من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -يفعل ذلك، وقال أبو الزناد: تلك السُّنّة، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، قال أحمد: أكثر الأحاديث على هذا، قال الأثرم: ورأيت أحمد بن حنبل ينهض بعد السجود على صدور قدميه ولا يجلس قبل أن ينهض، وذكر عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد وابن عباس وابن الزبير أنهم كانوا ينهضون على صدور أقدامهم. وقال الشافعي: إذا رفع رأسه من السجدة جلس ثم نهض معتمداً على الأرض بيديه حتى يعتدل قائماً. ومن حجة من ذهب مذهب مالك ومن تابعه حديثُ أبي حميد الساعدي، فيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم -لما رفع رأسه من السجدة قام، ولم يذكر قعوداً. وفي حديث رفاعة بن رافع عن النبي- صلى الله عليه وسلم -في تعليم الأعرابي: "ثم اسجد حتى تعتدل ساجداً، ثم قم" ولم يأمره بالقعدة. واحتج أبو جعفر الطحاوي لهذا المذهب أيضاً بأن قال: قد اتفقوا أنه يرجع من السجود بتكبير، ثم لا يكبّر تكبيرة أخرى للقيام، قال: فلو كانت القعدة مسنونة، لكان الانتقال منها إلى القيام بالذكر كسائر أحوال الانتقال. وحُجّة الشافعي لما ذهب إليه في ذلك حديثُ مالك بن الحويرث هذا. قال أصحاب الشافعي: فحديث مالك بن الحويرث أولى ما قيل به في هذه المسالة، لأن فيه زيادة سكت عنها غيره، فوجب قبولها. (١) إسناده صحيح. وانظر ما قبله.