وانظر ما قبله. ولا يعارض هذا الحديثَ حديثُ وائل ابن حجر عند النسائي (١١٩٢) من طريق زائدة بن قدامة، حدثنا عاصم بن كليب، حدثني أبي أن وائل بن حجر قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، فنظرت إليه فوصف، قال: ثم قعد وافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض اثنتين من أصابعه، وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها. وهذا الحديث وإن كان إسناده صحيحاً، فإن قوله: "فرأيته يحركها يدعو بها" لفظة شاذة انفرد بها زائدة بن قدامة من بين أصحاب عاصم بن كليب: سفيان بن عيينة، وخالد الواسطي وقيس بن الربيع، وسلام بن سليم وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم، وهؤلاء الأثبات الثقات من أصحاب عاصم لم يذكروا التحريك الذي انفرد به زائدة ... وانظر تمام الكلام عليه في ما علقته على "سنن النسائي" فالإشارة هي السنة لا التحريك، وقد أخطأ الألباني رحمه الله خطأ مبيناً في صفة الصلاة ص ١٥٨ فجعل التحريك هو الأصل وهو السنة الثابتة بناء على اللفظة الشاذة التي انفرد بها زائدة، ثم إنه أتبع قوله: كأن رفع إصبعه يحركها يدعو ويقول: لهي أشد على الشيطان من الحديد يعني السبابة، وهذا يوهم أنه من تمام حديث وائل بن حجر، وليس كذلك، فإن هذه القطعة من حديث ابن عمر عند أحمد (٦٠٠٠) ولفظه: كان ابن عمر إذا جلس فى الصلاة وضع يديه على ركبتيه، وأشار بأصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لهي أشد على الشيطان من الحديد" وهذا واضح فى أنه ورد فى الإشارة لا فى التحريك، وإسناده مع هذا ضعيف لضعف كثير بن زيد الأسلمي أحد رواته عند غير واحد من الأئمة. وقد قوَّل الإمام أحمد ما لم يقل فنفل عن"مسائل أحمد": وسئل هل يشير الرجل بأصبعه فى الصلاة؟ قال: نعم شديداً، ففهم منه التحريك، وأظنه لا يفرق بين الإشارة والتحريك، وإلا فما معنى استشهاده بقول أحمد وقد أجاب عن الإشارة لا التحريك، ونص مذهبه كما فى "المغني" ٢/ ٢١٧ أنه يشير بها ولا يحركها.